اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 80
وفي «أو» أقوال، هي بعينها مذكورة في قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ [1] ، وقد تقدمت.
قوله تعالى: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ، قال مجاهد: كل حجر ينفجر منه الماء، وينشق عن ماء، أو يتردى من رأس جبل، فمن خشية الله.
[سورة البقرة [2] : آية 75]
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
قوله تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ. في المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصة، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أنهم المؤمنون، تقديره: أفتطمعون أن تصدقوا نبيكم، قاله أبو العالية وقتادة.
والثالث: أنهم الأنصار، فانهم لما أسلموا أحبوا إسلام اليهود للرضاعة التي كانت بينهم، ذكره النقاش. قال الزجاج: وألف «أفتطمعون» ألف استخبار، كأنه آيسهم من الطمع في إيمانهم.
وفي سماعهم لكلام الله قولان: أحدهما: أنهم قرءوا التوراة فحرّفوها، هذا قول مجاهد والسدي في آخرين، فيكون سماعهم لكلام الله بتبليغ نبيهم، وتحريفهم: تغيير ما فيها. والثاني: أنهم التّسعون رجلا الذين اختارهم موسى، فسمعوا كلام الله كفاحاً عند الجبل، فلمّا جاءوا إلى قومهم قالوا: قال لنا: كذا وكذا، وقال في آخر قوله: إن لم تستطيعوا ترك ما أنهاكم عنه فافعلوا ما تستطيعون. هذا قول مقاتل، والأول أصح. وقد أنكر بعض أهل العلم، منهم الترمذي صاحب «النوادر» هذا القول إِنكاراً شديداً، وقال: إنما خص بالكلام موسى وحده، وإلا فأي ميزة؟ وجعل هذا من الأحاديث التي رواها الكلبي وكان كذاباً.
ومعنى عَقَلُوهُ: سمعوه ووَعوْه. وفي قوله تعالى: وَهُمْ يَعْلَمُونَ قولان: أحدهما: وهم يعلمون أنهم حرّفوه. والثاني: وهم يعلمون عقاب تحريفه.
[سورة البقرة [2] : الآيات 76 الى 77]
وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (77)
قوله تعالى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا. هذه الآية نزلت في نفر من اليهود، كانوا إذا لقوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين قالوا: آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض، قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم، هذا قول ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد ومقاتل [2] .
وفي معنى: بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قولان: أحدهما: بما قضى الله عليكم، والفتح: القضاء، [1] البقرة: 19. [2] أخرجه الطبري 1338 عن ابن عباس بإسناد ضعيف، وكرره 1339 وإسناده ضعيف أيضا، الضحاك لم يلق ابن عباس، وأخرجه 1341 عن السّدّي وهذا مرسل، وكرره 1344 عن أبي العالية مرسلا، فهذه الروايات تتأيد بمجموعها، والله أعلم.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 80